لاتكونــــــــــــ دجاجة ــــــــــــــــــــــــــــــــــي
بقلـــــــــــم أبو مسلم القرشي
ذهب عامل المسلخ "الطيــب" إلى الدجاجة البيضاء الجميلة السمينة و قد ارتفع ريشها فوق لحمها المغري بأنفة وعزة وهي تتوسط صديقاتها الدجاج يتحركن هنا وهناك.
قال: ماذا تحبين أن تأكلي اليوم يا سيدتي , فأجابته وعلامات الاستغراب ترتسم على و جهها : لعل قليلاً من القمح والشعير يكفي , فأجابها قائلاً: لا والله لا يجوز ... دجاجتنا الجميلة التي نحبها ونهتم لأمرها يجب أن تأمر وتختار , فنظرت إليه وقد غطى ثوبه الكثير من دماء ضحايا المسلخ من مختلف الأجناس والأنواع وقالت : وقد اعترت كلماتها ريبة خفيفة : لا شكراً فلست أرجو إلا ما طلبت منك ...... فما كانت إلا بضع دقائق حتى كان الطعام حاضراً .
ثم عاد في اليوم التالي فوجدها نائمة وقد أتخمت من وحبة البارحة وتغلغل الشبع حتى نهاية أطرافها . وعندما رآها على هذه الحال ابتسم وأوقظها برفق بعد أن داعب ريشها الأبيض الناعم بكلتا يديه وهمس في أذنها قائلاً : صباح الخير يا ست الكل . فما لبثت عندما سمعت هذا الكلام إلا وانفرجت أساريرها وكاد عقلها يطير من الفرح , وطبعاً "فقد نسيت أنها دجاجة وفي المعدة لها حاجة وأنها إن لم تذهب إلى المائدة فستذهب إلى الثلاجة" .
ابتسمت و قالت : عمت صباحاً يا صديقي "الطيب" وكيف حالك , قال بأحسن حال ولكن العمل مرهق , قالت فما هو عملك؟ قال : كل خير ... تعلمين .. نحن ننسق الورود وأكاليل الأزهار .... فما هذا الذي لطخ ثوبك ؟ قال وقد ظهرت على وجهه علامات الارتباك : لا شيء إنها بعض
سوائل الزينة التي تلزمنا في عملنا "تعلمين" ..
قالت: أعانك الله "والله عم تتعب معنا"
عقّب قائلاً : دعينا من هذا الآن ماذا تريد صاحبة السمو أن تتناول على الإفطار , فأنت الآن يجب أن تهتمي بصحتك وتتناولي جميع العناصر المفيدة ، فقد أصبح لديك الكثير من المعجبين مثلي ومثل غيري ممن يحبون النظر إلى ريشك الأبيض الجميل وإلى عينيك البنيتين وذيلك القصير , نحن جميعاً نتمنى أن نخدمك بأعيننا و"أفواهنا" عفواً وقلوبنا , فكما تعلمين نحن نقدر الجمال ونكنّ له كل الاحترام , فأنت رائعة ولا ينقصك إلا بعض الزيادة في الوزن وستغدين أروع و أنضر , وأكثر بهاءً و بهجة.
فأجابته أنا بخير والحمد لله وأخواتي الدجاجات بحاجة مثلي إلى هذه العروض , فأجابها في مكر : لا تقلقي يا عزيزتي , فلكل ٍدوره الذي هو فاعله ... أنت اليوم وغداً جارتك وثم الأخرى وهكذا ، ولا شك أنك أهم ما لدينا الآن .
نظرت إليه بارتياح وفالت هل أنا حقاً كما تقول ؟ أأستحق كل هذا ..؟ أأستحق أن تؤدى إلي كل هذه الخدمات , وأنا جالسة هنا في هذا المنزل الضيق بمعزل عن العالم . نظرت إلى مرآةٍ كانت بجانبها , همست : أأنا حقاً كما يقول..؟ أعادت النظر مرة أخرى وصرخت : طبعاً أنا كذلك ... انظروا إلى هذا الريش الجميل .. هذا القوام .. هذين الجناحين ؟؟ طبعاً أنا كذلك!!
وطبعاً "نسيت أنها دجاجة وأن في المعدة لها حاجة وأنها إن لم تذهب إلى المائدة فستذهب إلى الثلاجة"
نظرت حولها نظرة سريعة وكأنها تبحث عن شيء , فسارع إليها صديقنا وقال: مالك يا مولاتي .؟ هل أضعت شيئاً ؟ فأجابت باعتزاز : كنت قد تركت البارحة قليلاً من القمح عليّ أعطيه لأخواتي الدجاجات , ولكنني لا أجده . فقال أنا أخذته .. مالك ومالهم الآن , ألم نتفق أن نهتم بشؤونك الآن .
على كلٍ اسمعي آخر الأخبار : يقال أن هناك طعاماً جديداً يحتوي الكثير من البروتينات والفيتامينات المفيدة لك وهو ألذ مذاقاً وسيساعدك على زيادة وزنك بسرعة .. جربيه ...
صدقيني أنت على أبواب الجنة .
ومنذ ذلك اليوم وهي تأكل وتأكل وتنسى من جديد أنها دجاجة وأنه في المعدة لها حاجة وأنها إن لم تذهب إلى المائدة فستذهب إلى الثلاجة .
ثم جاء ذلك اليوم الذي سفكت فيه الدماء والتحمت السكاكين بالرقاب وتقطعت الأسباب . ذبحت كما ذبح غيرها ، وانتقل صديقنا العزيز إلى دجاجة أخرى وأخرى ...
ملاحظة : أرجو أختي الكريمة ألا تكوني مثل هذه الدجاجة .. يستغفلك ويستغلك الجزارون أصحاب المظاهر الخادعة المغرية ..
إن شخصيات هذه الرواية ليست من نسج الخيال وإنك لتجدها أنّى وليت وجهك ، ولكن العاقل من يسمع و يتدبر.
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه , والحمد لله رب العالمين .
بقلـــــــــــم أبو مسلم القرشي
ذهب عامل المسلخ "الطيــب" إلى الدجاجة البيضاء الجميلة السمينة و قد ارتفع ريشها فوق لحمها المغري بأنفة وعزة وهي تتوسط صديقاتها الدجاج يتحركن هنا وهناك.
قال: ماذا تحبين أن تأكلي اليوم يا سيدتي , فأجابته وعلامات الاستغراب ترتسم على و جهها : لعل قليلاً من القمح والشعير يكفي , فأجابها قائلاً: لا والله لا يجوز ... دجاجتنا الجميلة التي نحبها ونهتم لأمرها يجب أن تأمر وتختار , فنظرت إليه وقد غطى ثوبه الكثير من دماء ضحايا المسلخ من مختلف الأجناس والأنواع وقالت : وقد اعترت كلماتها ريبة خفيفة : لا شكراً فلست أرجو إلا ما طلبت منك ...... فما كانت إلا بضع دقائق حتى كان الطعام حاضراً .
ثم عاد في اليوم التالي فوجدها نائمة وقد أتخمت من وحبة البارحة وتغلغل الشبع حتى نهاية أطرافها . وعندما رآها على هذه الحال ابتسم وأوقظها برفق بعد أن داعب ريشها الأبيض الناعم بكلتا يديه وهمس في أذنها قائلاً : صباح الخير يا ست الكل . فما لبثت عندما سمعت هذا الكلام إلا وانفرجت أساريرها وكاد عقلها يطير من الفرح , وطبعاً "فقد نسيت أنها دجاجة وفي المعدة لها حاجة وأنها إن لم تذهب إلى المائدة فستذهب إلى الثلاجة" .
ابتسمت و قالت : عمت صباحاً يا صديقي "الطيب" وكيف حالك , قال بأحسن حال ولكن العمل مرهق , قالت فما هو عملك؟ قال : كل خير ... تعلمين .. نحن ننسق الورود وأكاليل الأزهار .... فما هذا الذي لطخ ثوبك ؟ قال وقد ظهرت على وجهه علامات الارتباك : لا شيء إنها بعض
سوائل الزينة التي تلزمنا في عملنا "تعلمين" ..
قالت: أعانك الله "والله عم تتعب معنا"
عقّب قائلاً : دعينا من هذا الآن ماذا تريد صاحبة السمو أن تتناول على الإفطار , فأنت الآن يجب أن تهتمي بصحتك وتتناولي جميع العناصر المفيدة ، فقد أصبح لديك الكثير من المعجبين مثلي ومثل غيري ممن يحبون النظر إلى ريشك الأبيض الجميل وإلى عينيك البنيتين وذيلك القصير , نحن جميعاً نتمنى أن نخدمك بأعيننا و"أفواهنا" عفواً وقلوبنا , فكما تعلمين نحن نقدر الجمال ونكنّ له كل الاحترام , فأنت رائعة ولا ينقصك إلا بعض الزيادة في الوزن وستغدين أروع و أنضر , وأكثر بهاءً و بهجة.
فأجابته أنا بخير والحمد لله وأخواتي الدجاجات بحاجة مثلي إلى هذه العروض , فأجابها في مكر : لا تقلقي يا عزيزتي , فلكل ٍدوره الذي هو فاعله ... أنت اليوم وغداً جارتك وثم الأخرى وهكذا ، ولا شك أنك أهم ما لدينا الآن .
نظرت إليه بارتياح وفالت هل أنا حقاً كما تقول ؟ أأستحق كل هذا ..؟ أأستحق أن تؤدى إلي كل هذه الخدمات , وأنا جالسة هنا في هذا المنزل الضيق بمعزل عن العالم . نظرت إلى مرآةٍ كانت بجانبها , همست : أأنا حقاً كما يقول..؟ أعادت النظر مرة أخرى وصرخت : طبعاً أنا كذلك ... انظروا إلى هذا الريش الجميل .. هذا القوام .. هذين الجناحين ؟؟ طبعاً أنا كذلك!!
وطبعاً "نسيت أنها دجاجة وأن في المعدة لها حاجة وأنها إن لم تذهب إلى المائدة فستذهب إلى الثلاجة"
نظرت حولها نظرة سريعة وكأنها تبحث عن شيء , فسارع إليها صديقنا وقال: مالك يا مولاتي .؟ هل أضعت شيئاً ؟ فأجابت باعتزاز : كنت قد تركت البارحة قليلاً من القمح عليّ أعطيه لأخواتي الدجاجات , ولكنني لا أجده . فقال أنا أخذته .. مالك ومالهم الآن , ألم نتفق أن نهتم بشؤونك الآن .
على كلٍ اسمعي آخر الأخبار : يقال أن هناك طعاماً جديداً يحتوي الكثير من البروتينات والفيتامينات المفيدة لك وهو ألذ مذاقاً وسيساعدك على زيادة وزنك بسرعة .. جربيه ...
صدقيني أنت على أبواب الجنة .
ومنذ ذلك اليوم وهي تأكل وتأكل وتنسى من جديد أنها دجاجة وأنه في المعدة لها حاجة وأنها إن لم تذهب إلى المائدة فستذهب إلى الثلاجة .
ثم جاء ذلك اليوم الذي سفكت فيه الدماء والتحمت السكاكين بالرقاب وتقطعت الأسباب . ذبحت كما ذبح غيرها ، وانتقل صديقنا العزيز إلى دجاجة أخرى وأخرى ...
ملاحظة : أرجو أختي الكريمة ألا تكوني مثل هذه الدجاجة .. يستغفلك ويستغلك الجزارون أصحاب المظاهر الخادعة المغرية ..
إن شخصيات هذه الرواية ليست من نسج الخيال وإنك لتجدها أنّى وليت وجهك ، ولكن العاقل من يسمع و يتدبر.
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه , والحمد لله رب العالمين .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]