الحمد لله الواحد القهار ، العزيز الغفار ، مصرف الأمور ، مكور الليل على النهار ، تبصره لأولى القلوب والأبصار الذي أيقظ من خلقه من اصطفاه في جملة الأخيار أحمده أبلغ الحمد على جميع نعمه ، وأسأله المزيد من فضله وكرمه ، وأشهد أن لا إله إلا الله العظيم الواحد الصمد العزيز الحكيم وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وحبيبه وخليله أفضل المخلوقين وأكرم السابقين أجمعين واللاحقين
وبعد :
فحياكم الله وبياكم أيها الأفاضل في هذا المنتدى الشهم الشامخ وجعلنا الجنة مثوانا ومثواكم وثبت على الحق خطانا وخطاكم.
أضع بين أيديكم هذه الموسوعة الفقهية وهي مجموعة من الفتاوى الإسلامية لفضيلة العلماء الأجلاء : سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، فضيلة الشيخ محمد بن صـالح بن عثيمين، وفضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين، رحمهم الله وأسكنهم فسيح جناته، إضافة إلى اللجنة الدائمة وقرارات المجمع الفقهي سائلا المولى عز وجل أن تعود عليكم وعلينا بالنفع والفائدة لنتفقه في ديننا الذي هو عصمة أمرنا وليصلح الله لنا دنيانا التي فيها معاشنا وليصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا ويصلح لنا أمرنا كله انه أكرم مسؤول وخير مأمول.
وأحيطكم علما بأن الموضوع الذي بين أيدينا موضوع ضخم جدا ومهم في نفس الوقت، وسأحاول أن أضع بين الفينة والأخرى فتاوى جديدة لتسهيل المتابعة والقراءة على المتلقي الكريم بدلا من إضافة الموضوع بأكمله دفعة واحدة لما سيسببه ذلك من شق الأنفس واتعابها على المتابعة والقراءة..
الجزء الأولــ
إلى نهاية كتاب الصلاة
جمع وترتيب
محمد بن عبدالعزيز المسند
كتاب العقيدة
ص 15 / من يذبح للجن لا يقبل منه عمل حتى يتوب
الحمد لله وبعد : فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على هذا الاستفتاء ونصه " يأتينا مطاوعة في البادية ويقولون : الذي يذبح للجن ماله صلاة ولا حج ، وأنا عندما سمعت منهم هذا الكلام تبت إلى الله أني ما أذبح للجن وقد حججت ويقولون أن حجك باطل فهل حجي باطل ، أم صحيح ؟ فإذا كان باطلاً فسأحج من جديد " ؟ .
- وأجابت بمايلي :
الذبح للجن شرك بالله سبحانه وتعالى ، ولو مات فاعله عليه دون توبة منه لكان خالداً مُخلّداً في النار ، والشرك لا يصحُّ معه عمل ، لقول الله سبحانه : { وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } . ( سورة الأنعام ) . فالحمد لله تعالى أن وفقك للتوبة من هذا الذنب العظيم الذي لا يُقبل معه عمل ، وحُجَّ من جديد ، وإن صدقت توبتك فقد وعد الله التائب بالمغفرة وإبدال سيئاتك حسنات ، لقوله سبحانه : { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا . إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } ( سورة الروم ) .
وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه .
اللجنة الدائمة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
حكم من أحل ذبيحة المشرك
س : مَن أحل ذبيحة المشرك ، وهو يحتج بقول الله تعالى : { فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآَيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ } ( سورة الأنعام ) . ويقول إن هذه الآية لا تحتاج إلى تفسير ، ولم يسمع قول أحد هل يكون كافراً ؟
ج : مَن أحل ذبيحة مشرك الشرك الأكبر لذكره اسم الله عليها فهو مخطىء ، لكنه ليس بكافر لوجود الشبهة ولا حجة له في الآية ، لأن عمومها خُصّص بالإجماع على تحريم ذبيحة المشرك ، وعلى من قَوِيَ على البيان وعَلِمَ ذلك منه إرشاده .
اللجنة الدائمة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ص 16 / حكم الحج عن المشرك والاستغفار له
س : شخص لا يصوم ولا يصلي في حياته ، ويذبح للجن والشجر والحجر كأصنام له ، ومات مُصرًّا على ذلك ، هل يجوز لقريبه أن يحج عنه أو أن يستغفر له ؟
ج : من مات على الحالة المذكورة في السؤال ، يعتبر مشركاً شركاً أكبر لا يجوز الحج عنه ولا الاستغفار له ، لقوله سبحانه وتعالى : { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ } ( سورة التوبة ) . ولما ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " استأذنتُ ربي أن أزور قبر أمي فأذن لي ، واستأذنته أن أستغفر لها فلم يأذن لي " .
اللجنة الدائمة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
معنى قوله صلى الله عليه وسلم : " كُلهم في النار إلا واحدة "
س : ما المراد بقول النبي صلى الله عليه وسلم عن الأمة حيث يقول في حديث : " كلهم في النار إلاواحدة " وما الواحدة ؟ وهل الاثنان والسبعون فرقة كلهم خالدون في النار على حكم المشرك أم لا ؟ وإذا قيل أمة النبي صلى الله عليه وسلم ، هل هذه الأمة تقال لأتباعه وغير الأتباع أو تقال لأتباعه فقط ؟
ج : المراد بالأمة في هذا الحديث أمة الأجابة ، وأنها تنقسم ثلاثاً وسبيعين : اثنتان وسبعون منها منحرفة مبتدعة بدعاً لا تخرج بها من ملة الإسلام ، فتعذب ببدعتها وانحرافها إلا من عفا الله عنه وغفر له ، ومآلها الجنة ، والفرقة الواحدة الناجية هي أهل السنة والجماعة الذين استـنُّوا سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولزِموا ما كان عليه هو وأصحابه رضي الله عنهم ، وهم الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تزال طائفة من أمتي قائمة على الحق ظاهرين لا يَضرُّهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله " . أما من أخرجته بدعته عن الإسلام ، فإنه من أمة الدعوة لا الإجابة ، فيخلد في النار ، وهذا هو الراجح .
وقيل المراد بالأمة في هذا الحديث أمة الدعوة ، وهي عامة تشمل كل من بُعث إليهم النبي صلى الله عليه وسلم ، مَن آمن منهم ومن كفر ، والمراد بالواحدة أمة الإجابة وهي خاصة بمن آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم ، إيماناً صادقاً ومات على ذلك ، وهذه هي الفرقة الناجية من النار : إما بلا سابقة عذاب وإما بعد سابقة عذاب ، ومآلها الجنة .
وأما الاثنتان والسبعون فِرقة : فهي ما عدا الفرقة الناجية ، وكلها كافرة مخلدة في النار وبهذا يتبين أن أمة الدعوة أعمُّ من أمة الإجابة ، فكل من كان من أمة الإجابة فهو من أمة الدعوة ، وليس كل من كام من أمة الدعوة من أمة الإجابة .
اللجنة الدائمة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ص 17 / معنى الورود في قوله تعالى : { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا }
س : لقد قرأت آية من سورة مريم وهي الآية ( 71 – 72 ) التي تقول : بسم الله الرحمن الرحيم { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا . ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا } . أنا أريد أن أعرف معنى هذه الآية الكريمة وخاصة معنى الورود ؟
ج : قد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ، على أن المراد بالورود هو المرور عليها فوق الصراط ، وهو منصوب على متن جهنم أعاذنا الله والمسلمين منها ، والناس يمرون عليه على قدر أعمالهم كما ذكر في الأحاديث .
الشيخ ابن باز
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
كيف يقوم الناس من قبورهم
س :كيف يقوم الناس من قبورهم يوم القيامة ، وكيف يقوم الأ نبياء والأ قطاب والأبدال ؟ ومن
أول مَن يُكسى ؟
ج : يُعيد الله سبحانه خَلقَ الناس يوم القيامة من عجب الذنب ، فينبتون منه خلقاً سوياً كما ينبت الزرع من الحب ، والنخل من النوى ، ثم يخرجون من قبورهم حفاة عراة غُرْلاً ، سراعاً كأنهم جراد منتشر أو فراش مبثوث لا يضلون طريق الموقف ، بل هم أهدى إليه من القَطا ، كأنهم إلى نصب يوفضون ، وأول من تنشق عنه الأرض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو أول من يفيق من الصَّعق . أما أول مَن يكسى بعد البعث فخليل الرحمن عليه الصلاة والسلام ، ويشتد الهول بجميع الناس حتى يقول كل نبي يومئذ : نفسي نفسي . ومَن قرأ آيات البعث من سورة القمر والمعارج والقارعة وأمثالها ، تبين له الكثير مما تقدم ، وثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إنكم محشورون حفاة عُراة غُرلاً " ثم قرأ : { كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ } . وأول من يُكسى يوم القيامة إبراهيم ، وإن أناساً من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال ، فأقول أصحابي . فيقول : إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم ، فأقول كما قال العبد الصالح : { وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ } إلى آخر قوله : { الْحَكِيمُ } وثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " إن الناس يُصعقون يوم القيامة فأكون أول من تَنْشق عنه الأرض .. " . الحديث . وفيهما أيضا : " أن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق " الحديث .
انظر تحقيق الحديثين في شرح الطحاوية عند كلام الطحاوي في أحوال الناس يوم القيامة .
اللجنة الدائمة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ص 18 / حقيقة التوكل على الله
س : ليس من التوكل على الله أن تَقذف بنفسك في حوض السباحة وأنت لا تعرف العوم ، أو تخاطر بنفسك في حركة رياضية لم تدرَّب عليها ، فما هي حقيقة التوكل على الله ؟ نرجو الإفادة ، مع جزيل الشكر .
ج : التوكل على الله تفويض الأمر إليه تعالى وحده ، وهو واجب بل أصل من أصول الإيمان ، لقوله تعالى : { وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } . وهو من الأسباب المعنوية القوية لتحقيق المطلوب وقضاء المصالح . لكن على المؤمن أن يضم إليه ماتيسر له من الأسباب الأخرى سواء كانت من العبادات كالدعاء والصلاة والصدقة وصلة الأرحام ، أم كانت من الماديّات التي جرت سنة الله بترتيب مسبّباتها عليها ، كالأمثلة التي ذكر السائل في استفتائه ونحوها اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه خير المتوكلين ، وكان يأخذ بالإسباب الأخرى المناسبة مع كمال توكله على الله تعالى ، فَمَن ترك الأسباب الخرى مع تيسرها واكتفى بالتوكل فهو مخالف لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويسمى توكله عجزاً ، لا توكلاً شرعياً وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
حكم افتتاح المساجد بالحفلات والاجتماع لذلك
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد :
فقد اطّلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على السؤال المقدم إلى سماحة الرئيس العام ، ونصه : ( إذا بُني عندنا مسجد جديد وأريد ابتداء الصلاة فيه دعي الناس من البلدان فيجتمعون لهذا الذي يسمونه افتتاح المسجد ، فما حكم إتيانهم لهذا الغرض ؟ وهل حديث : " لا تُشد الرِّحال إلا إلى ثلاثة مساجد " يدل على تحريم ذلك ؟ وإذا كان جائزاً فما الدليل على ذلك ؟ وهل حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ، دعاه بعض الصحابة ليصلي في ناحية من بيته ليتخذها مصلّى .. يدل على جوازه ؟ وكذلك هل يدل عليه مفهوم ما جاء في قصة مسجد الضِّرار بحيث لم يوجّه ربنا نهيه إلى مجرد عزمه على الذهاب ، وإنما نهاه لأن المسجد لم يُبنَ إلا ضراراً وكفراً ؟ إلخ . أفيدونا أفادكم الله ) .
وأجابت بما يلي :
افتتاح المساجد يكون بالصلاة فيها وعمارتها بذكر الله ، من تلاوة قرآن والتسبيح والتحميد والتهليل وتعليم العلوم الشرعية ووسائلها ونحو ذلك مما فيه رفع شأنها ، قال الله تعالى :{ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ . رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ .لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } . بهذا ونحوه من النصائح والمواعظ والمشورة كان يعمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم . وتبعه في هذا الخلفاء الراشدون وسائر صحابته وأئمة الهدى من بعده رضي الله عنهم ورحمهم ، والخير كل الخير في الاهتداء بهديهم في الوقوف عندما قاموا به في افتتاح المساجد ، وعمارتها بما عمروها به من العبادات ومافي معناها من شعائر الإسلام ، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم ، ولا عمّن اتبعه من أئمة الهدى أنهم افتتحوا مسجداً بالاحتفال وبالدعوة إلى مثل ما يدعو إليه الناس اليوم ، من الاجتماع من البلاد عند تمام بنائه للإشادة به ، ولو كان ذلك مما يُحمد لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسبق الناس إليه ولسنَّه لأمته ولتبعه عليه خلفاؤه الراشدون وأئمة الهدى من بعده ، ولو حصل ذلك لنُقل .
وعلى هذا فلا ينبغي مثل هذه الاحتفالات ، ولا يُستجاب للدعوة إليها ولا يُتعاون على إقامتها بدفع مالٍ أو غيره ، فإن الخير في اتباع من سلَف ، والشر في ابتداع من خلف ، وليس في دعوة بعض الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلى بيته ليصلي في مكانٍ منه ركعتين كي يتخذ صاحبه مصلى يصلي فيه ما قدر له من النوافل دليل على ما عُرف اليوم من الاحتفالات لافتتاح المسجد ، فإنه لم يَدْعُه إلى احتفال ، بل لصلاة ، ولم يسافر لأجل تلك الصلاة ، ثم السفر إلى ذلك الاحتفال أو للصلاة في ذلك المسجد داخل في عموم النهي عن شدِّ الرِّحال إلى غير المساجد الثلاثة المعروفة ؛ فينبغي العدول عن تلك العادة المُحْدثة ، والاكتفاء في شؤون المساجد وغيرها بما كان عليه العمل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأتباعه أئمة الهدى رحمهم الله ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ص 20 / علي رضي الله عنه لا يعين أحدا بعد موته
س : ورد إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء هذا السؤال : هل يُعين علي رضي الله عنه أحداً عند المصائب ؟
ج : قُتل علي رضي الله عنه ولم يَعلم بتدبير قاتله ، ولم يستطع أن يدفع عن نفسه ، فكيف يُدّعى أنه يدفع المصائب عن غيره بعد موته وهو لم يستطع أن يدفعها عن نفسه في حياته ؟ فمن اعتقد أنه أو غيره من الأموات يجلب نفعاً أو يعين عليه أو يكشف ضراً ، فهو مشرك ، لأن ذلك من اختصاص الله سبحانه ، فمَن صَرَفه إلى غيره عقيدةً فيه ، أو استعانة به : فقد اتخذه إلهاً . قال الله تعالى : { وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } .
اللجنة الدائمة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
حكم وضع باقة من الزهور على القبر
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد :
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على السؤال المقدم إلى سماحة الرئيس العام ، ونصه ( وضع باقة من الزهو على قبر الجندي المجهول ، هل ينطبق على ذلك ما ينطبق على عمل الذين عظَّموا أولياءهم وصالحيهم حتى عُبدوا ) . ؟
وأجابت بما يلي :
هذا العمل بدعة وغُلو في الأموات ، وهو شبيه بعمل أولئك في صالحيهم من جهة التعظيم واتخاذ شعار لهم ، ويُخشى منه أن يكون ذريعة على مر الأيام إلى بناء القباب عليهم والتبرك بهم واتخاذهم آلهة مع الله سبحانه ، فالواجب تركه سداًّّ لذريعة الشرك ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
مصير أصحاب الكبائر إذا ماتوا وهم مصرون عليها
س : قال تعالى :{ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ } وقال تعالى : { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ] وقال تعالى : { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } .
فهؤلاء الذين يرتكبون مثل هذه الكبائر ، ولا يوجد مَن يطبق عليهم الأحكام ، وماتوا وهم غير تائبين ، فما حكم الله فيهم يوم القيامة ؟
ج : عقيدة أهل السنة والجماعة أن من مات من المسلمين . مُصرًّا على كبيرة من كبائر الذنوب كالزنا والقذف والسرقة ، يكون تحت مشيئة الله سبحانه إن شاء الله غفر له ، وإن شاء عذّبه على الكبيرة التي مات مُصرًّا عليها ، ومآله إلى الجنة لقوله سبحانه وتعالى : { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } . وللأحاديث الصحيحة المتواترة الدالة على إخراج عصاة الموحدين من النار ، ولحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه المُخرّج في الصحيحين ، وهو نص في الموضوع وهذا لفظه : قال عبادة رضي الله عنه : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " أتبايعونني على أن لا تشركوا بالله شيئاً ولا تزنوا ولا تسرقوا ، وقرأ آية النساء – يعني الآية المذكورة – وأكثر لفظ سفيان قرأ الآية – فمن وفّى منكم فأجره على الله ، ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب فهو كفارة له ، ومن أصاب منها شيئاً من ذلك فستره الله فهو إلى الله ، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له " .
اللجنة الدائمة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ص 21 /حكم السجود على المقابر والذبح لها
س : ما حكم السجود على المقابر والذبح لها ؟
ج : السجود على المقابر والذبح عليها وثنية جاهلية وشرك أكبر ، فإن كلًّا منهما عبادة والعبادة لا تكون إلا لله وحده ؛ فمن صرفها لغير الله فهو مشرك . قال تعالى : { قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ } ( سورة الأنعام ، الآيتان : 162 ، 163 ) . وقال تعالى : { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ . فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } . إلى غير هذا من الآيات الدالة على أن السجود والذبح عبادة ، وأن صرفهما لغير الله شرك ، ولا شكَّ أن قَصْد الإنسان إلى المقابر للسجود عليها أو الذبح عندها ، إنما هو لإعظامها وإجلالها بالسجود والقرابين التي تُذبح أو تُنحر عندها ، وروى مسلم في حديث طويل في باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعْن فاعله ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال فيه : حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات : لعن الله من ذبح لغير الله ، لعن الله من لعن والديه ، ولعن الله من آوى محدثا ، ولعن الله من غيَّر منار الأرض " ، وروى أبو داود في سننه من طريق ثابت بن الضحاك – رضي الله عنه – قال : نذر رجل أن ينحر إبلاً ببوانة فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " هل كان فيها وَثَن من أوثان الجاهلية يُعْبَد ؟ " قالوا : لا ، فقال : " فهل كان فيه عيدٌ من أعيادهم ؟ " قالوا : لا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أوفِ بنذرك فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله " . فدل ما ذكر على لعن من ذبح لغير الله ، وعلى تحريم الذبح في مكان يُعظَّم فيه غير الله من وثن أوقبر ، أو كان فيه اجتماع لأهل الجاهلية اعتادوه وإن قصد بذلك وجه الله . وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه .
اللجنة الدائمة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ص 22 / حكم الذبح للأموات
الحمد لله وبعد : فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على هذا السؤال ونصه : إن بعض الناس في بلادي يعبدون غير الله سبحانه وتعالى ، ولهم عادة متبعة وموروثة وهي أن كل إنسان يموت عندهم يذبحون له ذبيحة من البقر أو خروفاً أو غير ذلك من بهيمة الأنعام ، ولهم طريق في ذلك . وبعد ذبح الذبيحة توزّع لحومها على بعض المسلمين حولهم ، وفي حالة توزيع اللحوم عليهم يكون جوابهم رفض أخذ هذه اللحوم لأنها حرام ، وعندما سمعوا جواب المسلمين برفض أخذ اللحوم قالوا لهم : خذوا هذه البقرة واذبحوها على طريقتكم وكلوا منها ليكون صدقة على هذا الميت الذي يعبد غير الله سبحانه وتعالى .
فهل يجوز لنا أخذ هذه البقرة وذبحها على الطريقة الإسلامية ، وتوزيع لحومها على المسلمين أم لا يجوز ؟ وهل يعتبر عمل ذلك مشاركة في أفعالهم ؟ جزاكم الله خيراً .
وأجابت بما يلي :
عبادة غير الله كالنذر أو الاستعانة بغير الله من الأموات والغائبين والأشجار ونحو ذلك شرك ، وقد أحسَنَ من رفض أخذ لحوم الأبقار التي ذبحها من يعبد غير الله لموتاهم ، ولا بأس بأخذ ما يدفعه هؤلاء من البقر أو الأبقار الحية ليذبوحها على الطريقة الإسلامية غير متحيّرين لذبحها وقت موت الميت ، وليس في ذلك مشاركة لهم في بدعتهم ، وليس لهم أن يقصدوا بذبحها ولا بتوزيعها الصدقة على الميت ، إذا كان هذا الميت ممن يعبد غير الله . فإن قصدوا ذبحها وقت موته أو السير بجنازته ، لم يجز لما في ذلك من المشاركة لهم في بدعتهم .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ص 23 / حكم كتابة العزائم والحروز والرقى
س : يوجد أناس تكتب العزائم على المرضى والمجانين والمصابين بالأمراض النفسية يكتبون حروزاً معروفة من القرآن والسنة ولا نزكيهم نحن ، فقد نصحناهم وأبوا يقولون : كتاب الله وسنة رسوله ليسا ممنوعين ، ومنهم من يعلّقه على المريض بنفسه وهو غير طاهر كالحائض والنفساء والمجنون والمعتوه والصغير الذي لا يعقل ولا يتطهر ، فهل يجوز ذلك ؟
ج : أذِن النبي صلى الله عليه وسلم في الرقية بالقرآن والأذكار والأدعية ما لم تكن شركاً أو كلاماً لا يُفهم معناه ، لما روى مسلم في صحيحه عن عوف بن مالك قال : كنا نرقي في الجاهلية ، فقلنا : يا رسول الله كيف نرقي ذلك ؟ فقال : " اعرضوا عليَّ رقاكم ، لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً " .
وقد أجمع العلماء على جواز الرقى إذا كانت على الوجه المذكور آنفاً ، مع اعتقاد أنها سبب لا تأثير له إلا بتقدير الله تعالى . أما تعليق شيء بالعنق أو ربطه بأي عضو من أعضاء الشخص ، فإن كان من غير القرآن فهو محرم ، بل شرك لما رواه الإمام أحمد في مسنده عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً في يده حلقة من صفر ، فقال : " ما هذا ؟ " قال من الواهنة . فقال : " انزعها فإنها لاتزيدك إلا وهناً ، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً " . وفي رواية لأحمد أيضاً : " مِن تعلّق تميمة فقد أشرك " . وما رواه أحمد وأبو داود عن ابن مسعود رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : " إن الرقى والتمائم والتولة شرك " . وإن كان ما علقه من آيات القرآن ، فالصحيح أنه ممنوع أيضاً لثلاثة أمور هي :
1- عموم أحاديث النهي عن تعليق التمائم ولا مُخصص لها .
2- سد الذريعة فإنه يفضي إلى تعليق ما ليس كذلك .
3- أن ما عُلَّق من ذلك يكون عرضة للامتهان ، بحمله معه في حال قضاء الحاجة والاستنجاء والجماع ونحو ذلك.
وأما كتابة سورة أو آيات من القرآن في لوح أو طبق أو قرطاس ، وغسله بماء أو زعفران أو غيرهما ، وشرب تلك الغسالة ، رجاء بركة أو استفادة علم أو كسب مال أو صحة وعافية ونحو ذلك ، فلم نعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله لنفسه أو غيره . ولا أنه أذن فيه لأحد من أصحابه أو رخص فيه لأمته ، مع وجود الدواعي التي تدعو إلى ذلك ، وعلى هذا فالأولى تركه وأن يُستغنى عنه بما ثبت في الشريعة من الرقية بالقرآن وأسماء الله الحسنى ، وما صح من الأذكار والأدعية النبوية ونحوها مما يعرف معناه ولا شائبة للشرك فيه ، وليتقرب إلى الله بما شرع رجاء للمثوبة وأن يفرج الله كربته ويكشف غمته ويرزقه العلم النافع . ففي ذلك الكفاية ومن استغنى بما شرع الله أغناه الله عما سواه . والله الموفق .
اللجنة الدئمة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ص 24 / الذبح لغير الله شرك أكبر
س : التقرب بذبح الخرفان في أضرحة الأولياء الصالحين ما زال موجودا في عشيرتي . . نَهيتُ عنه لكنهم لم يزدادوا إلا عنادا . قلت لهم : إنه إشراك بالله . قالوا : نحن نعبد الله حق عبادته ، لكن ما ذنبنا إن زرنا أولياءه وقلنا لله في تضرعاتنا : " بحق وليك الصالح فلان . . اشفنا أو أبعد عنا الكرب الفلاني . . " قلت : ليس ديننا دين واسطة . قالوا : اتركنا وحالنا . سؤالي : ما الحل الذي تراه صالحا لعلاج هؤلاء ؟ ماذا أعمل تجاههم . . وكيف أحارب البدعة ؟ وشكرا .
ج : من المعلوم بالأدلة من الكتاب والسنة أن التقرب بالذبح لغير الله من الأولياء أو الجن أو الأصنام أو غير ذلك من المخلوقات ، شرك بالله ومن أعمال الجاهلية والمشركين . قال الله عز وجل : { قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ } . والنسك هو : الذبح ، بيَّن سبحانه في هذه الآية أن الذبح لغير الله شرك بالله كالصلاة لغير الله . وقال تعالى { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } . أمر الله سبحانه نبيه في هذه السورة الكريمة أن يصلي لربه وينحر خلافا لأهل الشرك الذين يسجدون لغير الله ويذبحون لغيره . وقال تعالى : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ } قال سبحانه : { وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ } والآيات في هذا المعنى كثيرة . والذبح من العبادة فيجب إخلاصه لله وحده ، وفي صحيح مسلم عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لعن الله من ذبح لغير الله " . وأما قول القائل : أسأل الله بحق أوليائه أو بجاه أوليائه أو بحق النبي أو بجاه النبي فهذا ليس من الشرك ولكنه بدعة عند جمهور أهل العلم ومن وسائل الشرك ؛ لأن الدعاء عبادة وكيفيته من الأمور التوقيفية ولم يثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم ما يدل على شرعية أو إباحة التوسل بحق أو جاه أحد من خلقه ، فلا يجوز للمسلم أن يُحدِث توسلا لم يشرعه الله سبحانه ؛ لقول الله سبحانه وتعالى : { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ } وقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " متفق على صحته . وفي رواية لمسلم وعلقها البخاري في صحيحه جازما بها : " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " . ومعنى قوله : " فهو رد " أي مردود على صاحبه لا يُقبل . فالواجب على أهل الإسلام التقيد بما شرعه الله والحذر مما أحدثه الناس من البدع . أما التوسل المشروع فهو التوسل بأسماء الله وصفاته وبتوحيده وبالأعمال الصالحات . والإيمان بالله ورسوله ومحبة الله ورسوله ونحو ذلك من أعمال البر والخير . والله ولي التوفيق .
الشيخ ابن باز
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ص 25 / الرقى المنهي عنها والجائزة
س : عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : "إن الرقى والتمائم والتِّولةَ شرك ". وعن جابر رضي الله عنه قال : " كان ليَ خال يرقي من العقرب فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرقى ، قال : فأتاه فقال : يا رسول الله ، إنك نهيت عن الرقى وأنا أرقي من العقرب . فقال : " من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل ". وما هو الجمع بين أحاديث المنع والجواز في موضوع الرقى ؟ وما حكم تعليق الرقى من القرآن على صدر المبتلى ؟
ج : الرقى المنهي عنها هي الرقى التي فيها شرك أو توسل بغير الله أو ألفاظ مجهولة لا يُعرف معناها . أما الرقى السليمة من ذلك فهي مشروعة ومن أعظم أسباب الشفاء لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا "، وقوله صلى الله عليه وسلم : "من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه " ، خرجهما مسلم في صحيحه ، وقال صلى الله عليه وسلم : " لا رقية إلا من عين أو حمة " . ومعناه لا رقية أولى وأشفى من الرقية من هذين الأمرين وقد رَقى النبي صلى الله عليه وسلم ورُقي . أما تعليق الرُّقى على المرضى أو الأطفال ، فذلك لا يجوز . وتسمى الرقى المعلقة ( التمائم ) وتسمى الحروز والجوامع ، والصواب فيها أنها محرمة ، ومن أنواع الشرك ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من لبس تميمة فلا أتم الله له ، ومن تعلق وَدَعَة فلا وَدَع الله له "، وقوله صلى الله عليه وسلم : "من تعلق تميمة فقد أشرك "، وقوله صلى الله عليه وسلم : "إن الرقى والتمائم والتولة شرك " . واختلف العلماء في التمائم إذا كانت من القرآن أو من الدعوات المباحة هل هي محرمة أم لا . والصواب تحريمها لوجهين : أحدهما : عموم الأحاديث المذكورة فإنها تعم التمائم من القرآن وغير القرآن . والوجه الثاني : سد ذريعة الشرك ، فإنها إذا أبيحت التمائم من القرآن اختلطت بالتمائم الأخرى واشتبه الأمر وانفتح باب الشرك بتعليق التمائم كلها ، ومعلوم أن سد الذرائع المفضية إلى الشرك والمعاصي من أعظم القواعد الشرعية ، والله ولي التوفيق .
الشيخ ابن باز
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ص 26 / حكم ذبيحة من يعلق التمائم
س : ماحكم ذبيحة من يعلق التميمة من القرآن أو غيره ، ومن يعقد العقد من الخيوط وغيرهما ؟
ج : التمائم جمع تميمة ، وهي ما يعلق من الخَرَز والوَدَع والحُجب في أعناق الصبيان والحيوانات والنساء ونحوهم ، وقد يوضع ذلك في أحزمتهم أو يعلق في شعرهم للحفظ من الشر ، أو دفع ما نزل من الضرر ، وهذا منهي عنه بل هو شرك ، لأن الله هو الذي بيده النفع والضر ، وليس ذلك لأحد سواه ، لما ثبت عن ابن مسعود أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم ، يقول : " إن الرقى والتمائم والتولة شرك " . رواه أحمد وأبو داود ، ولما روى عبدالله بن حكيم مرفوعاً : " من تعلق شيئاً وُكِلَ إليه " . ولما في الصحيحن عن أبي بشير الأنصاري أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فأرسل رسولاً ألاّ يبقين في رقبة بعير قِلادة من وَتر أو قلادة إلا قُطعت ، فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم تعليق الأوتار على الإبل مطلقاً معقودة وغير معقودة وأمر بقطعها ، وذلك أن أهل الجاهلية كانوا يشدون الأوتار على الإبل ويضعون القلائد في أعناقها ويعلقون عليها التمائم والعوذ للحفظ من الآفات ودفع العين ، فنهاهم صلى الله عليه وسلم عنها وأنكرها كليًّا حيث أمر بقطعها ، ومَن اعتقد أن للتميمة ونحوها تأثيراً في جلب النفع أو دفع ضر فهو مشرك شركاً أكبر يخرجه من الملة والعياذ بالله ، وذبيحته لا تؤكل ، ومن اعتقد أنها أسباب فقط وأن الله هو النافع الضار وأنه هو الذي يرتب عليها المسببات فهو مشرك شركاً أصغر ، لأنها ليست بأسباب عادية ولا شرعية ، بل وهمية . وقد استثنى بعض العلماء من ذلك ما عُلَّق من القرآن ، فرخص فيه وحصر ما ثبت من أحاديث نهي النبي عن تعليق التمائم على ما كان من غير القرآن . لكن الصحيح أن أحاديث النهي عامة لعدم ورود مخصص لها عنه صلى الله عليه وسلم ، ولسد الذريعة فإنه يفضي إلى تعليق ما ليس كذلك ، كما أنه يفضي إلى امتهان القرآن ، لكن ذبيحة من علق القرآن تُؤكل ، لأنه اعتقد التأثير أو البركة فذلك لا يخرجه من الإسلام ، ولأن القرآن كلام الله تعالى وكلامه صفة من صفاته .
اللجنة الدائمة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ص 27 / حكم تعليق التمائم
س: هل تعليق التمائم من القرآن وغيره يكفر به الإنسان ؟
ج: التمائم التي يعلقها الشخص قسمان : أحدهما : أن تكون من القرآن . والثاني : أن تكون من غير القرآن . فإن كانت من القرآن فقد اختلف فيها السلف على قولين :
الأول : لا يجوز تعليقها ، وقال به ابن مسعود وابن عباس ، وهو ظاهر قول حذيفة وعقبة بن عامر وابن عكيم وبه قال جماعة من التابعين ، منهم أصحاب ابن مسعود وقاله أحمد في رواية اختارها كثير من أصحابه ، وجزم بها المتأخرون وهذا القول مبني على ما رواه الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الرقى والتمائم والتولة شرك " . قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله : قلت : هذا هو الصحيح ؛ لوجوه ثلاثة تظهر للمتأمل : الأول : عموم الأدلة ولا مخصص لها . الثاني: سد الذريعة فإنه يفضي إلى تعليق ما ليس كذلك . الثالث : أنه إذا علق فلا بد أن يمتهنه المعلق بحمله معه في حالة قضاء الحاجة والاستنجاء ونحو ذلك . القول الثاني : جواز ذلك ، وهو قول عبد الله بن عمرو بن العاص ، وهو ظاهر ما روي عن عائشة ، وبه قال أبو جعفر الباقر وأحمد في رواية ، وحملوا الحديث على التمائم التي فيها شرك . لعموم حديث : " إن الرقى والتمائم والتولة شرك " .
اللجنة الدائمة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ص 28 / حكم العلاج عند المشعوذين
س: هناك فئة من الناس يعالجون بالطب الشعبي على حسب كلامهم ، وحينما أتيت إلى أحدهم قال لي : اكتب اسمك واسم والدتك ثم راجعنا غداً ، وحينما يراجعهم الشخص يقولون له : إنك مصاب بكذا وكذا ، وعلا جك كذا وكذا ، ويقول أحدهم أنه يستعمل كلام الله في العلاج . فما رأيكم في مثل هؤلاء ، وما حكم الذهاب إليهم ؟
ج: من كان يعمل هذا الأمر في علاجه فهو دليل على أنه يستخدم الجن ويدعى علم المغيبات ، فلا يجوز العلاج عنده ، كما لا يجوز المجيء إليه ولا سؤاله ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الجنس من الناس : " من أتى عرّافا فسأله عن شيء لم تُقبل له صلاة أربعين ليلة " أخرجه مسلم في صحيحه .
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث النهي عن إتيان الكهان والعرافين والسحرة والنهي عن سؤالهم وتصديقهم ، وقال صلى الله عليه وسلم : " من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم " . وكل من يدعي علم الغيب باستعمال ضرب الحصى أو الودع أو التخطيط في الأرض أو سؤال المريض عن اسمه واسم أمه أو اسم أقاربه ، فكل ذلك دليل على أنه من العرافين والكهان الذين نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن سؤالهم وتصديقهم .
الشيخ ابن باز[/size]