ابنتي احذري هذا الذئب
مع انفتاح العالم، وتقارب الاتصال بين الناس وقد أصبح العالم كله قرية صغيرة، ازدادت مع الأسف الشديد المغريات والملهيات والشهوات والشبهات، ومع خروج المرأة إلى جميع ميادين الحياة دونما ضابط لدى البعض، منهن من دين وخلق وتربية قويمة ازداد الخطر على المرأة بالتعرض لها من ذئاب بشرية لا يرقبون فيها إلاً ولا ذمة، وتلك الذئاب البشرية تتخذ وسائل وطرق مختلفة لكي تسلب من الفتاة أغلى ما لديها من دين وعفة وشرف، ومن هذه الوسائل التي يتخذها هؤلاء:
1- من يجعل المرأة سلعة تباع وتشترى:
فبعض الرجال ممن لا خلاق لهم ولا دين يستغلون الفتيات، ويمتهنون كرامتهن حين يستغلون بعض الفتيات ممن لا خبرة لديهن ولا حكمة بأن يجعلن منهن سلعة رخيصة لجلب الزبائن لبضاعتهم، فتجد أحدهم يكتب على محله " مطلوب بائعة حسنة المظهر"، وكأن هذا المحل لن يربح إلا من خلال فتاة تعرف كيف تستقطب الزبائن للمحل، وبنظرة سريعة إلى إعلانات التلفزيون، لا تجد إعلانا عن أي سلعة أو منتج إلا وفيه فتاة تقوم بعرض السلعة، فهذا الرجل الذي يستغل الفتيات هذا الاستغلال السيئ لتنتفخ جيوبه- وفقط على حساب القيم والأخلاق والأعراف، والتقاليد الصحيحة هو ذئب من الذئاب يجب الحذر منه.
2- ذئب الهاتف:
ومن الذئاب التي يجب على كل فتاة أن تحذر منه ما يسمى بذئب الهاتف أو التليفون، فالهاتف وسيلة سريعة للتواصل بين الناس، لكن أن يتخذ وسيلة للمعاكسات والتغرير بالفتيات فهنا مكمن الخطر وموضع الضرر، فكم من فتاة هتك عرضها، وحلّ الدمار في حياتها، والبعض قد انتحرن، والسبب في ذلك: سوء استغلال جهاز الهاتف.
تحكي إحدى الفتيات فتقول: تعرّفت على شاب عن طريق الهاتف، وأصبحت بيننا علاقة، وطال الأمر بيننا حتى حصل ما أسماه بـ " الحب"، ثم طلب "الذئب" مني الخروج معه، فتحرَّجت كثيراً، ثم خرجت معه، فلما ركبت السيارة كان يدخِّن سيجارة مخَدِّرة، فما استفقت إلا وأنا عند باب بيتي، وقد عَبَثَ " الذئب" بكرامتي وعفتي!!، والآن أنا أفكر بالانتحار بعد أن تركني هذا الذئب أصارع فقد السمعة والعار!.
فيا ابنتي: اعلمي أن المكالمات والمعاكسات الهاتفية بدايتها اللهو الحرام، ونهايتها الفضيحة، فهل تريدين الوقوع؟ فكيف بكِ لو رأيت ذلك الأب وهو مطأطأ الرأس.. مسود الوجه، يقلب بصره حيران ذليلاً، يتمنى الموت ولا يجده؟
وكيف بكِ لو رأيت تلك الفتاة وهي غارقة في ذُلِّ العار، تتمنى الزوال، فبأي وجه تقابل أسرتها، وبأي عذر تتوجه به إلى أمها وأبيها، وقد ذبحتهم بغير سكين، وأرتهم الذل والخزي المهين.
فاعتبري بغيرك قبل أن تعتبري بنفسك " فالسعيد من وُعِظَ بغيره، والشقي من وُعِظَ بنفسه"..
يقول الشاعر:
إن المعاكس ذئب يغري الفتاة بحيلة *** يقول هيا تعالي إلى الحياة الجميلة
قالت:
أخاف العار والإغراق في درب الرذيلة *** والأهل والخلان والجيران بل كل القبيلة
قال الخبيث بمكر لا تقلقي يا كحيلة*** إنا إذا التقينا أمامنا ألف حيلة
متى يجيء خطيب في ذي الحياة المليلة *** لكل بنت صديق وللخليل خليله
يذيقها الكأس حلوا ليسعدا كل ليلة *** للسوق والهاتف والملهى حكايات جميلة
إنما التشديد والتعقيد أغلال ثقيلة *** ألا ترين فلانة؟ ألا ترين الزميلة؟
وإن أردت سبيلا فالعرس خير وسيلة *** وانقادت الشاة للذئب على نفس ذليلة
فيما لفحش آتته ويا فعال وبيلة *** حتى إذا الوغد أروى من الفتاة غليله
قال اللئيم وداعا ففي البنات بديلة *** قالت ألما وقعنا؟ أين الوعود الطويلة؟
قال الخبيث وقد كشر عن مكر وحيلة *** كيف الوثوق بغر؟ وكيف أرضى سبيله؟
من خانت العرض يوما عهودها مستحيلة *** بكت عذابا وقهرا على المخازي الوبيلة
عار ونار وخزي كذا حياة ذليلة *** من طاوع الذئب يوما أورده الموت غيلة
3- ذئب النت:
وذئب النت لا يقل خطورة عن ذئب الهاتف، فاحذري هذا الذئب الذي يحاول إغراءك بكلماته المعسولة، ويوهمك بالحب الكاذب، فهو ذئب مخادعك يستغل فيك حسن نيتك وتصديقك لكل ما يقال، وقد يحلف لك بأغلظ الأيمان أنه يحبك، وأنه صادق معك، أتظنين يا ابنتي أن من يحاول إيقاع الفتيات في شباكه ليأخذ عفتهن، ويسلب أعراضهن، يشق عليه أن يحلف يمينا كاذبة؟ إن من يرضى أن يقيم علاقة آثمة في خفاء دون علم أحد هو لص يأتي من الشباك، ولا يمكن له أن يأتي من الباب كأهل الدين والشرف.
4- زميلة الدراسة والعمل:
وهناك ذئب آخر يجب عليك الحذر منه وهو ما يسمى بزميل الدراسة أو العمل، والذي يدخل إليك من باب الزمالة والصداقة، ويحاول أن يخدعك ويعطيك انطباعاً مثالياً عن شخصيته، فتتصورين أنه فارس الأحلام الذي سيأخذك إلى جنة الأوهام، فهذه فتاة خرجت مع صديقها، وخلت به، فخدعها بكلامه المعسول بأن هذا أمر ترفيهي، فذهب بها إلى الفلاة، فاستنجدت به أن يرجعها فرفض، ثم كانت الكارثة.
وقد تأخذين الأمر على أنه مجرد تسلية ولا تعلمين أن هذه التسلية تنقلب مع مرور الأيام، وتتابع الاتصالات والمكالمات، وتبادل الأحاديث والضحكات إلى عشق وتعلق وغرام وهيام، أرادت الفتاة ذلك أم لم ترده، فتصير تلك المعاكسات عادة راسخة في النفس لا تستطيع النفس تركها بسهولة!،
وحينها تصحو الفتاة على الحقيقة المرة، وهي أنها قد تعلقت بذلك " الذئب المعاكس "، وأنه قد ملك قلبها واستولى على فؤادها، بكلامه المعسول وعباراته العذبة، ووعوده الجميلة، وهنا تقع الفتاة بين أمرين، إما أن تعطيه ما يريد منها فتخسر بذلك شرفها وعفافها، وإما أن ترفض ذلك، فيكون مصيرها المحتوم، التشهير بها وفضحها بين أهلها وأسرتها، وربما هددها بما قد استولى عليه منها من صور وأشرطة ومكالمات مسجلة وغير ذلك.
يقول الشاعر:
أختاه في عصر الذئاب *** لا تخلعي عنك الحجاب
خافي من الله العذاب *** وتذكري يوم الحساب
سيرى على نهج الأوائل *** نهج الطهارة والفضائل
ودعي التبرج والرذائل *** فبذلك قد أمر الكتاب
لا تعبئي بالهازئين *** أو تسمعي للحاقدين
فلانت دينك خير دين *** تعنو له كل الرقاب
فاحذري يا ابنتي من كل هذه الذئاب، واعلمي أن عفتك وشرفك أغلى ما تملكين، وأن صاحب الخلق والدين إذا أراد الزواج فإنه لن يبحث إلا عن صاحبة دين وخلق مثله.